الجمعة، 13 سبتمبر 2013

نسمع جعجعة ولانرى طحنا


" نسمع جعجعة ولا نرى طحنا" تذكرت هذا المثل حينما سمعت خبر إقرار قانون لمنع العنف الأسري في السعودية بهدف حماية النساء والأطفال من العنف الذي قد يمارسه بعض الرجال عليهم. بصراحة لم أتحمس كثيراً لهذا القانون. ولا لغيره من القوانين التي صدرت في عدد من الدول العربية. فالقوانين التي تمس المرأة وتزعم أنها تعالج قضاياها غالبا ما تكون مجرد ديكور ولا تنفذ أيا من تلك القوانين بجدية على أرض الواقع. فغالبا ما يتم إصدار القوانين والحديث عن العقوبات ضد المعتدين وتبقى في النهاية حبرا على ورق بسبب غياب التوعية المجتمعية وعدم تمهيد المجتمع لتلك القوانين من خلال حملات إعلامية مكثفة بالإضافة إلى جهل المرأة بحقوقها والطرق القانونية التي يجب أن تسلكها.
ورغم كثرة الأبحاث والدراسات التي تتناول ظاهرة العنف ضد المرأة في العالم تبقى المرأة العربية التي يمارس ضدها أشكال متنوعة من العنف بعيدة عن الباحثين وتتهرب من المشاركة في الأبحاث والدراسات المعنية بقضاياها. فقلة قليلة من النساء يكسرن حاجز الخجل ويتحدثن عن ما حدث لهن من اعتداء واضطهاد بينما الأغلبية يفضلن الصمت والإنكار. وتجرع مرارة الألم خوفا من المعتدي وكذلك خوفا من كلام الناس.. فالدعم المجتمعي للمرأة المعنفة شبه معدوم حيث ينظر لها –غالبا- نظرة اتهام وريبة ويبدأ ماراثون الأسئلة حول الأسباب الحقيقية التي تدفع الرجل لممارسة العنف ضدها. فالمرأة في عالمنا العربي متهمة حتى يثبت العكس! وهذه النظرة المليئة بالشك والريبة والاتهامات هي سبب رئيسي في تأخير طلب النساء المعنفات للعون والمساعدة وكذلك تأخير إعادة دمج وتأهيل ضحايا العنف الأسري.
 أحيانا يتم التعاطف مع معاناة المرأة المعنفة لكن دون تقديم أي مساعدة فعلية مما جعل كثيرا من النساء يفضلن السكوت وعدم الحديث عن العنف الممارس ضدهن يائسات من وجود الدعم والملاذ الآمن وكذلك هربا من نظرة المجتمع التي لا ترحم. خاصة أن قضايا كالعنف الأسري يتم التعامل معها داخل مجتمعاتنا العربية بحساسية شديدة. وقد يدفع بالجيران والأقارب إلى التنصل وعدم تقديم الدعم والمساعدة للمرأة المعنفة بحجة أن الموضوع شأن عائلي وأسرار بيوت يجب أن لا تتعدى أسوار المنزل.
تجاهل الظاهرة في المجتمعات العربية عمدا جعل وجود تقارير إحصائية دقيقة حول حجم الظاهرة عربيا مهمة صعبة فثقافة المجتمع السائدة تركز على العيب ومبدأ القوامة ومكانة الرجل العالية. وقد يساهم المجتمع نفسه في زيادة معاناة المعنفات من خلال عدم إفشاء حوادث العنف إعلاميا ومحاولة إخفائها خوفا على صورة المجتمع دون الاكتراث بحجم معاناة المرأة المعنفة.
نتفق جميعا على أن لكل بلد قوانينه وظروفه الحياتية والمعيشية وطرق التعامل مع العنف ولكن يبقى العنف في النهاية عنفا ومعاناة المرأة واحدة سواء كانت المرأة المعنفة في الخليج أو في أمريكا أو في أي بقعة على هذه الأرض. فالمرأة شبعت من القوانين التي لا تردع الرجل الذي يمارس العنف ضدها على أرض الواقع. فبدون تطبيق قوانين الحماية والتصدي للمعتدي بحزم. ونشر التوعية في المجتمع سواء في المدارس أو في وسائل الإعلام حول مكانة المرأة في الإسلام وأهميتها كعضو منتج وفعال لا يمكن انتهاك كرامته وممارسة العنف ضده - بحجة الولاية والقوامة- ستبقى معاناتها مستمرة ولن تمتلك المرأة المعنفة الشجاعة الكافية لطلب العون والمساعدة للنهوض من جديد والدفاع عن حقوقها.
قبل أن نصدر القوانين علينا توعية المجتمع الذي يميل خاصة في العالم العربي لمحاباة الرجل وإيجاد المبررات له حينما يمارس العنف ضد المرأة سواء في الشارع أو في المنزل أو حتى في العمل. فالعبرة في التنفيذ وكذلك طريقة التنفيذ وإيقاع العقوبات الرادعه على ممارسي العنف - بكافة أشكاله- وبدون أي تهاون. فبدونها ستبقى القوانين مجرد حبر على ورق ولن تعالج هذه الظاهرة المقيتة والتي تنتهك إنسانية وكرامة النساء.

التعليقات: 1

التنفيد اصعب مرحلة من الخطاب

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Favorites More