الثلاثاء، 3 مايو 2011

مصر.. والخروج من عنق الزجاجة..!

ahramat

مر ثلاثون عاما والشعب المصري ينتظر الخروج من الزجاجة وقطف ثمار حركة الإصلاح الاقتصادي في البلد.
منذ الثمانيات والشعب يركض خلف تلك الوعود الزائفة , حتى شعر باليأس وأدرك أن البلد قد تحول إلى ضيعة لمبارك وأسرته , وأعضاء الحزب الحاكم .
ما دفع بالشعب لقعر الزجاجة , حتى عانى سكانه الفقر والبطالة , وسوء الخدمات , ومنهم من وصل به الحال إلى الوقوع تحت خط الفقر , فيما مبارك وزمرته يعيشون في ثراء فاحش , يتمتعون بخيارات البلد .
ومع مرور السنين أُحكم غطاء الزجاجة من خلال قانون الطوارى , وقوانين أخرى ساهمت في نهب المال العام
وسرقته , وبيع القطاع العام للصوص , ومنح الأراضي لرجال الأعمال من أعضاء الحزب الحاكم , وشركائهم بأبخس الأثمان حتى أصبحت مصر مرتعاً خصباً للفساد والسرقات .
في ظل تعتيمٍ إعلامي من أقلام مأجورةٍ ,وقنواتٍ تخدم مصالح الفاسدين وشركائهم , حتى أصيب الشعب بالانفجار , فكانت الثورة التي هزت أركان عرش فرعون مصر وزبانيته .
تحرر الشعب من الخوف , وأدرك أن الأوضاع لن تتغير إلا بالإرادة الحرة , ومحاربة الفساد , واستطاع الشعب أخيراً فك الغطاء والخروج من عنق الزجاجة ثم رمى تلك الزمرة الفاسدة في داخلها .
ليكتب في سجن مزرعة طرة نهاية تلك الأصنام السياسية .
بعد أن ملا الشعب رئتيه بنسيم الحرية واحتفل بسقوط النظام السابق وأزاحه عن كاهله تحولت الأنظار للمرحلة الجديدة من تاريخ مصر , ومواجهة التحديات للمحافظة على المكاسب التي حققتها الثورة فمصر الآن في مرحلة انتقالية
تحاول فيها النهوض من جديد وخصوصاً في الجانب الاقتصادي فالإصلاح السياسي والديمقراطية لن تتحقق إلا في وجود اقتصاد قوي .
يشعر رئيس الوزراء الحالي الدكتور عصام شرف بالتفاؤل و أن تغيير الأوضاع في مصر قابل للحدوث خلال ستة أشهر إلى سنة كأقصى حد وليس لديه مخاوف بشأن تدفق
الاستثمارات في المستقبل , وخاصة بعد التخلص من الفساد ورموزه
ولكن هناك من يرى أن الحكومة المصرية لم تتعامل بشفافية مع الشعب فيما يخص الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر
ومن هؤلاء الكاتب فهمي هويدي . الذي يشعر بالامتعاض والاستياء من الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف للدول الخليجية .
ومن قبله وزير المالية الدكتور سمير رضوان , الذي قام بزيارة صندوق النقد الدولي للمطالبة بمساندة مصر وتقديم العون لها للخروج من أزمتها
ويرى في مقالته "أن التقشف هو الحل " المنشوره في جريدة الشروق أنه تم تغييب المجتمع ومنع مشاركته في بناء النظام الجديد
وهو من أسقط النظام السابق , ويرى أن الأزمات الاقتصادية قد ضربت دولاً عدة لكنها تعاملت
مع تلك الأزمات بهدوء وبدون ذعر , وكان على الدولة قبل أن تلجأ للخارج أن تستنفذ كافة الحلول الداخلية , وفي نهاية المقالة اقترح مساندة الحكومة وشد الحزم من خلال التقشف وترشيد الاستهلاك
وطالب الشعب بدفع المال المخصص للحج والعمرة لصالح صندوق يدعم اقتصاد البلد في الظروف الراهنة بحجة أن زيارة الديار المقدسة تكلف المصريين 2 مليار دولار
وهو نفس المبلغ الذي تحتاجه الحكومة المصرية لتلبية احتياجات السنة المالية الحالية حتى شهر يونيو
وتناسى الكاتب أن معظم الشعب المصري يعيش التقشف منذ سنوات طويلة , وعليه أن يوجه دعوته للأثرياء والمترفين
وإذا كان المواطن البسيط يدخر 2000 -4000 جنيه للحج والعمرة فهي لا تشكل حتى مصروف الجيب لبعض الأثرياء المصريين
ويبدوا أنه قد غاب عن بال الاستاذ فهمي ما يصرفه الأثرياء وكبار المسئولين في سفراتهم للخارج - وما أكثرها - ورواتب بعض المسئولين .
أتفق مع الكاتب على ضرورة ترشيد الاستهلاك وإعلان التقشف فيما يخص الإنفاق الحكومى
نعم هناك استحقاقات داخلية أخرى لو تم الوفاء بها لكان موقف الحكومة المصرية أفضل من مخاطبة أى طرف خارجى وطلب المساعدة و أولها الرجوع للزكاة
أين ذهبت زكاة المسلمين في مصر؟ أم أن الزكاة تابوت محرم في عقول من يمجد الدولة المدنية وينسى ركناً عظيماً من أركان الإسلام .
كم أشعر بالدهشة من موقف كاتب ينظر له على أنه من أبرز المفكرين الإسلاميين وكرس معظم مجهوداته
لمعالجة إشكاليات الفكر الإسلامي والعربي في واقعنا المعاصر , واعتبر هذا الاقتراح سقطة في حق كاتبٍ
كان الأجدر به التفكير بثروات مصر المنهوبة في الداخل والخارج قبل أن يفكر بحرمان المسلمين من الحج والعمره التي غاب عن عقله
-فضلهما - وإن كانا تطوعاً - وأن الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد
وهل غاب عن فكر الكاتب ملايين المصريين الذين يعملون في الخارج والذي يمكن من خلال تعاونهم توفير سيولة تدعم الاقتصاد المصري
ولماذا لم يفكر بتشجيع الاستثمارات داخل مصر , وهي التي تساهم في دعم الاقتصاد شريطة توفير بيئة استثمارية صالحة , وإزالة العراقيل أمام المستثمرين وخصوصا الخليجيين
وتوفير الحماية للمشاريع والاستثمارات الأجنبية خصوصاً في ظل تعرض كثيرٍ منها للهجوم والسلب , فالانفلات الأمني يشكل هاجساً مرعباً لكثيرٍ من المستثمرين قد يدفعهم لترك الأسواق المصرية .
وبالتالي حرمان كثير من المصريين من فرص عمل , وحرمان الاقتصاد المصري من مئات الملايين من الدولارات التي تدعم اقتصاده.
ومن أبرز الوسائل أيضاً المطالبة باسترداد الأموال والأراضي التي سرقت من قبل المسئولين السابقين وشركائهم من رجال الأعمال , والتي تقدر بمئات المليارات فيجب أن تكون الموضوع الأول في وسائل الإعلام .
بدلاً من الشماتة بالمسئولين السابقين ومحاولة نشر فضائحهم والتشفي بهم أو التركيز على المرشحين للرئاسة .
ويرى الكثيرون أن هناك تباطؤا متعمداً في رد المسروقات , وتحقيقات لا تنتهي بنتيجة . فهل عجز المسؤولون عن رد تلك الأموال والثروات سواء الموجودة داخل مصر أو خارجها .
كيف لكاتب أن يثير مثل هذا الاقتراح؟! ومن يضمن للشعب في حال تبرعه أن أمواله في يد أمينه ؟!!!
قبل أن ينظر الكاتب لتلك للمبالغ البسيطة التي يدخرها المواطنون للقيام بالحج والعمرة , عليه أن يطالب بتجميد أموالٍ وممتلكات المسئولين السابقين وعائلاتهم وشركائهم داخل وخارج البلد , وأن تسترد مصر ثرواتها المنهوبة .
المواطنون لم يتحملوا تلك السنين العجاف حتى يطالبوا بالرجوع مرة أخرى للزجاجة .
الشعب يعاني بما فيه الكفاية ولديه احتياجات عديدة من توفير وظائف للعاطلين وزيادة الأجور وتحسين الخدمات , فهو يطمح لقطف ثمار الثورة الاقتصادية والاجتماعية على أرض الواقع
فقد شبع من الدخول المتكرر لعنق الزجاجة وشد الأحزمه.
في النهايه أتفق مع الكاتب على أهمية انتهاج اسلوب قائم على المصارحة والشفافية مع الشعب المصري , و لكن اختلف معه في رؤيته للحلول التي تساهم في خروج
مصر من الوضع الحالي ودفع عجلة التنمية

التعليقات: 4

مقال رائع وضح فيه جهد باحثة .. شكراً جزيلاً على المقال الرائع..

لا زالت مصر تحتاج الكثير من السنوات لتحل مشاكلها، متفائل بمستقبل رائع للمصريين والعرب بشكل عم اشكرك ع المقال الجميل

د.نوف ..
أعجبتني كثيرا ...طريقة سردك لمشاكل مصر ...وأوضاعها الإقتصادية...وتقديم الحلول ...التي أتفق معك بها ....فالزكاة مثلا ..من وجهة نظري أنه حل منطقي ..للأزمة ....بدلا من التقشف ...
د.نوف ..
بالنسبة لما ذكره الأستاذ بأن التقشف هو الحل ...أحب أذكره بأن الحكومة اليونانية فرضت حالة تقشف فخرج الشعب ثائرا .....فهل يعتقد بأن الشعب المصري ...سيسمح بذلك !!
د.نوووف مقالك رائعا ..وجاء تفصيليا...دمتي بخيررر

جميل هذا المقال يبدو أن الكاتبة ملمة بالمشهد المصري.. تحياتي

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Favorites More