شعرت بالدهشة والاستغراب كغيري من المواطنين لحظة سماعي بالتغيرات الوزارية الجديدة التي كان الناس ينتظروها كخطوة أولى في مشوار الإصلاح الطويل. كنا ننتظر تغيرات جذرية وقرارات تشن حربا على الفساد والفاسدين وتحقق العدالة في الفرص والمحافظة على موارد البلاد والاستجابة لاحتياجات الشعب، وعلاج المشكلات المستفحلة مثل البطالة وضعف المرافق وسوء الخدمات. لكننا وجدنا أنفسنا أمام لعبة كراسي تكرس الحال السابق، دون أي تغيير! وإلا ما الحكمة من الإصرار على تكرار نفس الوجوه التي لم تنجز للبلاد سوى الضعف والتخلف، وبدلا من محاسبة هؤلاء الوزراء ومراجعة أدائهم ومعاقبتهم على التقصير وعلى المشكلات التي تسببوا في وجودها وعلى من يثبت ضعف أمانته يكافئوا بمناصب جديدة. ألا يوجد في البلد سوى هذه الوجوه التي مل الناس منها؟!! لماذا الإبقاء عليهم وإعادة تدوير المناصب بينهم؟!!
إن المواطنين يرفعون أصواتهم كما نسمعها تتردد في كل بيت وفي كل مجلس ويقولون: إن التغيرات الوزارية الأخيرة جاءت مخيبة لآمالنا وتطلعاتنا. كما أنها مخيبة لآمال الكثيرين من المثقفين الذين يريدون الإبقاء على الأمن شرط التغيير ومكافحة البيروقراطية والسير في طريق الإصلاح. كما أن الجميع يتساءلون حول المعايير التي تم الاعتماد عليها لاختيار الوزير، والتي يرى الناس أن في مقدمتها الكفاءة والنزاهة. ثم ألا يوجد نظام لمراجعة أداء الوزير ومحاسبته كما هو الحال في دول العالم الأخرى؟ فحينما يفشل وزير أو مسئول في الغرب أو في اليابان في القيام بواجباته أو يخفق في حماية مواطنيه أو مصالحهم يقدم استقالته على الفور أو يتم عزله من منصبه وربما محاكمته على التقصير. ويكون مصيره السجن في أحيانا كثيرة إن ثبت عليه الفساد، وقد ينتهي وجوده في الحياة العامة ومستقبله السياسي. فلماذا الوضع مختلف في بلادنا؟ فالوزير ووكيل الوزارة يستمران في مناصبهما حتى يأخذ الله وداعته أو يعفى أحداهما أو كلاهما من منصبه بناء على طلبه بعد أن يحققا لنفسيهما الثروة والعلاقات , وحتى بعد إعفائهما يكافئا بوظيفة مستشار أو عضو في مجلس الشورى أو سفير!
لنقولها بصراحة لقد تلاشت أحلامنا المتمثلة في الإصلاح وضخ دماء جديدة في المناصب الحيوية بعد قرارات التغير الوزاري الأخير، ولا نقول إلا إن لله وإن إليه راجعون. فيبدو أن ثمة من يحارب رياح التغيير ويحارب الجهود التي يحاول خادم الحرمين القيام بها لمكافحة الفساد. وقد أتضح لنا أن المناصب توزع على أساس الولاء وليس على أساس الكفاءة، وأن الإصلاح الذي يتطلع له الناس أصبح بعيد المنال.
كما نقول لماذا حينما يكون الشأن متصلا بالمواطن يكون مطالبا باجتياز اختبارات القياس والقدرات قبل دخول الجامعة؟ والدخول في مارثوان حافز وجدارة وهدف وميسر بعد الجامعة، للحصول على حقه في العمل والحياة الحرة الكريمة؟ أليس من حق المواطن والحال كذلك أن يرفع صوته مطالبا بأن يخضع الوزراء لاختبارات مماثلة تكشف عن قدراتهم وتقيس مهاراتهم حتى نضمن وصول الكفاءات لمواقع صناعة القرار؟ لا أشك أنه لو وجدت مثل هذه الاختبارات فإن الكثير من الوزراء الجدد سوف لن يتمكنوا من اجتيازها.
نشر في: صحيفة حدث الكويتية
التعليقات: 1
أحيك ,,,
فهذا ما يدور في صدور الناس كرحى كبيرة تطحن أمالهم في غذًا أفضل ، وهنا نجد لغتنا الدقيقة المعاني تحضر لتقول كلمتها الفصل ، فحين يقال أقيل الوزير الفلاني يكون لها وقع أخف من قولنا تم عزله مع أن كلتا المفردتين تعطي ذات المعنى لكن لكل مفرده دلالة مختلفة ، فقد أقيل الوزير ومن فوقه يودعه بعين الرضا ولكن حين نقول عزل فهذه عقوبة يتبعها تمحيص فيما كان منه حين كان على رأس منصبه .
وعبر تاريخ دولتنا الولدية النشأة في تاريخ الأمم لم يتم أصدار مرسوم واحد يحمل مفردة (عزل) سوى مرة واحدة كانت من نصيب وزير النفط ومؤسس منظمة الأوبك " عبد الله الطريقي " وذلك في عهد الملك فيصل رحمه الله بالرغم من عطاء هذا الرجل وعبقريته التي شهد بها الكثير من أهل الاختصاص في مجال الصناعة النفطية .
إرسال تعليق